الوصفة الدقيقة

هلى تقضي الديون على عادة تكسير الصحون في اليونان

تكسير الصحون في اليونان

في أي بلد تزوره قد تبحث عن مطعم يقدم الأطباق التي يشتهر بها هذا البلد، ولكنك في اليونان لا بدّ أن تسأل عن مطاعم تعرف بمطاعم تكسير الصحون؛ إنها مطاعم سياحية تتخذ من تقليد يوناني قديم سمة رئيسية للترويج لها بين السيّاح والأجانب، وحتى لدى اليونانيين أنفسهم، لكن لعلّك تسرع، لتشاهد حفلات الجنون وتكسير الصحون، قبل أن تقضي أزمة الدين اليونانية وسياسة التقشف على آخر صحن في هذا البلد، علماً أن المسألة خرجت من حدود اليونان، ووصلت إلى عواصم غربية أخرى؛ فمثلاً في لندن هناك مطعم يوناني اسمه “كليوباترا” يقدم “حفلات تكسير الصحون لزبائنه من اليونانيين، ويتكفل الزبائن بدفع قيمة الصحون المكسورة، وسط أجواء ستستغربها من البهجة والحبور والتصفيق، وستفاجئك كمية الصحون التي تتعرض للتحطيم، لذلك قالوا: إذا فرح اليونانيون يكسرون الصحون.

فما قصة عادة تكسير الصحون في اليونان ؟ وما أصلها التاريخي؟

اعتاد اليونانيون على كسر الصحون بشكل جنوني، في الاحتفالات واللقاءات العامة، وفي بعض الأحيان يقومون بالتراشق بها، في جوّ من المرح والسرور. وهنالك عدد من  المطاعم السياحية مخصّصة لتكسير الصحون فقط، حيث يُكسر في اليلة الواحدة ما لا يقل عن ألف صحن. طبعاً تلك الصحون لا تكون من النوع الفاخر، وإنما كيفما اتفق، للاستمتاع بتقليد كسر الصحون الذي يربطه المتخصّصون النفسيون بتفريغ الشحنات السلبية لدى الإنسان؛ وكم يبدو اليونانيون في ظل ظروفهم الاقتصادية الحالية محتاجين إلى ذلك.

ويشير الخبراء النفسيون إلى أن لهذه العادة دوراً في تخفيف الضغط النفسي، ولكن بحسب علماء الاجتماع، ترجع هذه العادة إلى التراث اليوناني القديم، إذ اعتقد اليونانيون القدماء بأن كسر الصحون يجلب الحظ ويبعد الأرواح الشريرة، ويجلب المرح والسرور للأرواح الخيّرة. ولا تزال هذه العادة مستمرة حتى يومنا هذا في الاحتفالات الخاصة، وفي بعض المطاعم المرخّصة، إلا أنه تم منعها بموجب القانون في عام 1969، لكن هذا لا يعني انصياعاً كاملاً للقانون، إذ لا تزال مطاعم يونانية تحيي هذا التقليد.

وفي الأعراس اليونيانية لا يغيب هذا التقليد الغريب عن الجمهور، حيث  يكسر المدعوون الصحون على حلبة الرقص، لجلب الحظ الجيد، ويبدأ واحد من أهل العريس بالأمر، ويتبعه الجميع، فترتفع أصوات الضحكات أثناء تكسير الصحون فرحاً وسروراً.

فهل يستمر اليونانيون في تكسير الصحون، رغم غرق بلادهم في الديون، وسياسة التقشف التي قد تودي بالحكومة اليونانية، وتقضي على تفاصيل حياتية يومية، لطالما ميّزت اليونايين من غيرهم؟